Trois poèmes traduits en arabe par le poète marocain Saïd El Baz
Posté par traverse le 1 novembre 2009
ستظل هنا، الغيوم تعبر فوق هامتك فيما أنت تغسل روحك لتبيعها، ستظل هنا، فيما الغروب يتجرّد من الهمسات، ستظل هنا مترددا في الشمس المائلة بداخلك كما لو كنت تدفّئ الميّت الآتي نافثا فوق راحتي يديه، ستظل هنا في هذه اللحظة داخل الفضائل الزهيدة، والموشّاة كلّها بسكّر الرغبات، ستظل هنا بداخل الكارثة سوّيا دون أن تدري من الدابة أين الظهر وأين صدرها. ستظل مثل من يبحر فوق لوح وسط عباب البحار لا يميّز حينها ما يدفعه للاطمئنان، وأنت إما شبح أو جسد يمتدّ لكن دون أن تصدّه هذه النصال التي تبترد بالجوار والتي ستنهال عليك قريبا، هذه المدية باردة حدّ أنّها لم تعد تضايقك في النعاس الذي يأتي إليك والذي تناديه، ستكون هذا الأمر الضائع، هذا الأبله بلا مصير المتدحرج بلا مطبّات والقادم ليرتطم هنا على حافة الأكواخ المشيّدة بأناة هنا وهناك، ستكون مندهشا من أنّك لم تعد تفهم شيئا، وأنّك لم تعد تميّز بين الليل والنهار، ستكون حيث كنت تحلم أن تكون بعيدا عن هزّات الشمال عن الوخزات والتمزّقات، العيون مازالت مغمضة من كثرة ما ارتقبت، الجلد في تمدد بياض المغاربيات، ونساء مفاجئات للجسد المشوّش كلّه بالرّيح، ربّما ستكون بالداخل أو بالخارج، الأغاني عذبة وهائجة في نفس الآن، الثغور تنتشي في قبلات النافورات الجامدة، النصال لبرهة لم تعد تتجه صوب صدغيك، وأنت في حلّ من الوعود القديمة سراويلك تسقط، قمصانك تتطاير، ونعالك تتخصّف، الأبله يجبن وهنا في بلاد المغارب القويةّ الآسنة وبلا مواراة، ساعتك الرملية تجهد نفسها في عدّ الوقت، أنت في الغرب، غرب « العربيات » المشؤومة، لقد وصلت إلى أرض من رخاء من مباهج وبؤس، و لم تعد سوى ظل في دولاب الظلال، تفتح فمك كي تغني وكي تقضم بملء الصوت وفي سرعة الجراد والأرانب البرّية، شفاهك على شفاه الصحاري، فيما أنت في هذا المكان من الزرقة حيث تأتي النصال أخيرا لتنهال مجنّحة بين رفيف طيور الدوري فوق شجرة الزيتون.
في الخارج وشوشة مبللة حيث تعبر السيارات، والسماء الرمادية ترتاح فوق صور مائية، في الساعات المسننة في الذكريات المدرسية، في العلل الزائفة، والرغبات الجارفة كي نكبر وكي نبلغ هذه الأسرار المخفية فوق الدولاب وفي عقول البنات، لكن اللون الرمادي يكاد لا ينتهي البتة من كيّ الشراشف المبسوطة لسموات بلا غيوم حيث ألتفّ محاولا نسيان حشرجة الكآبة.
***
ربّما هي الرّيح، أو شيء سائل يتناثر في الهواء، حين لم نعد نفكّر في هذه
الكارثة التي تتوكّأ على كاهل كل امرئ منّا، والتي تجعلنا يوما ما نستسلم بالمنكب بالورك، بالقلب أو بالعقل، نستسلم ولا شيء يتغيّر في هذه المادة الهشّة التي تنتقل من الواحد إلى الآخر وتمتدّ حتّى أنفاس الأشجار العظيمة.
ترجمة : سعيد الباز
Laisser un commentaire
Vous devez être connecté pour rédiger un commentaire.